لحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد.
فإن المنح في ثنايا المحن، والعاقل يجتهد لكي تصبح المحنة منحة، ويعقب البلاء رخاء ونعمة، وهذا ما ينبغي على المسلمين فعله تجاه أحداث غزة.
وإخواننا في غزة بذلوا دماءهم وأموالهم لنصرة الإسلام والمسلمين، ويصدق عليهم – إن شاء الله – أن صمودهم كرامة من الله سبحانه وتعالى لهم.
وقد كثر السؤال ماذا نستطيع أن نقدم لهم؟ وماذا نصنع؟ وكيف ننصرهم؟
إخواني الكرام: الصور ونشرات الأخبار ملأت القلوب غيضاً، ولا يخفى على الجميع وحشية القصف والهمجية اليهودية الصهيونية المنبعثة من الحقد، بالإضافة لبشاعة قتل الأطفال والنساء وفظائع الجرائم وطول مدة الحصار مع قوة الصمود وبسالة المجاهدين، وهذا كله مع ضعف المواقف السياسية، بل وزاد الأمر سوءًا وقوف بعض الساسة العرب والإعلاميين مع العدو.
وهذه الأحداث أعادت الحياة لقلوب كثير من المسلمين فخرجت المظاهرات والبيانات والنداءات في كل مكان، وارتفعت الأصوات بالدعاء والاستغاثة إلى الله، وامتلأت قلوب أهل الإيمان حماسة لإخوانهم…
إخواني الكرام: ينبغي أن تتحرك تلك العواطف في الطريق الصحيح، والحذر الحذر أن تتحول تلك المشاعر إلى تصرفات لا تحمد عقباها، وأذكر هنا مقترحات لعل الله سبحانه وتعالى ينفع بها:
أولاً: على الدعاة وطلبة العلم توظيف الأحداث في الإصلاح الداخلي من خلال ما يلي:
1. دعوة الناس للتوبة الصادقة.
2. مقاطعة القنوات الفضائية التي تهدم الدين وكشفها.
3. حث الناس على قيام الليل والدعاء فيه.
4. القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدر الاستطاعة وحسب الضوابط الشرعية.
5. إطالة الحديث عن موانع إجابة الدعاء وقبوله وهذا في غاية الأهمية؛ وذلك لانتشار الربا وأكل المال بالحرام… إلخ.
6. المطالبة بتفعيل المؤسسات والجمعيات الخيرية بقوة، لكي تنشط في الإغاثة، والسعي الجاد لدعم المتخصص منها في نصرة فلسطين.
ثانياً: على مستوى الأفراد:
1. التأكيد على استمرارية التفاعل، والحذر من كيد الشيطان – كيف تشاهد مناظر القتل و… إلخ – فيترك المسلم متابعة الأحداث والحماس معها.
2. على المسلم تحريك المجتمعات حوله – أقارب زملاء جيران – بأن يشحذ همهم للتفاعل مع الأحداث.
3. مطلوب منا نصرتهم بالدعاء، بالتوبة الصادقة، بحمل هم القضية، وتفعيل من حولنا مع القضية، طلب الدعم المادي لهم ولو بالقليل فهو يجتمع.
4. التأكيد على أن الحرب عقدية، وفضح من حرف القضية عن مسارها العقدي الصحيح، وأن الحجر ينطق ” يا مسلم ” هذا ” يهودي ” فلا شعارات ولا قوميات بل النداء للمسلم فهذا هو الوصف والانتماء والمقابل يهودي…. إلخ.
5. الحرص على كفالة الأيتام والأرامل بل حتى الأسر وحبذا التواصل معهم من غير الجمعيات بصورة مباشرة من خلال الهواتف والتعارف الشخصي، والاستمرار في ذلك خاصة بعد أن تضع الحرب أوزارها ولعل الله أن يأذن بقيام جمعيات متخصصة لأطفال غزة ومساجدها وأيتامها…
ثالثاً: “ولتستبين سبيل المجرمين” هذه لطلبة العلم خاصة ولا بد من البدء فيها والاستمرار بشكل مؤسسي:
1) مهم كشف عوار “بني علمان” من إعلاميين وصحفيين وسياسيين وغيرهم بحكمة؛ لكي لا ننقل المعركة لمجتمعاتنا.
2) تأصيل العداوة مع العدو اليهودي الصهيوني وفضحه بذكر جرائمه عبر التاريخ لا سيما المعاصر.
3) الحديث عن التطبيع وخطورته والتحذير منه ومن دعاته، والاستفادة من الأحداث في طمس التطبيع وأنه استسلام للعدو.
4) ضرورة تأصيل الترابط العقدي بين اليهود و النصارى خاصة الأصوليين.
رابعاً: لا يخفى بأن بوش وإدارته فرضوا قيوداً على الإسلام والمسلمين وتدخلوا في الدول الإسلامية فيما يعرف بمكافحة الإرهاب خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر.
وصمود إخواننا في غزة وتفاعل المسلمين مع الأحداث، ومع الحماس وارتفاع أرواح الشهداء، ومع رائحة الموت والدم ومناظر الدمار… والأحداث كسرت القيود فينبغي على الدعاة ” طلبة العلم ” كسر الحواجز التي أقامها بوش، ومن ذلك ما يلي:
1. الحديث عن الجهاد بأنواعه: جهاد الدفع – جهاد الطلب – جهاد اللسان.
2. الحديث عن الولاء والبراء.
3. الحديث عن كفر اليهود والنصارى.
4. ضرورة الهمة في إعادة الأنشطة الإسلامية خارج البلاد، وتفعيل دور المؤسسات في ذلك، وإنشاء مؤسسات تهتم بهذا الموضوع، وهذه لطلبة العلم والتجار وأصحاب الفكر.
وفي الختام أخي المسلم:
«لا تحقرن من المعروف شيئاً» المهم أن تتحول العواطف الجياشة إلى أعمال وأفعال ولو يسيرة ينفع الله بها الإسلام والمسلمين، وأنت أول المنتفعين بها يوم الدين {يوم لا ينفع مال ولا بنون}، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.