تغلب على حدّة النسيان
لتخطي عقبة التّيه وعدم التركيز الحديثة الظهور لدى الفرد ، التي ينتج عنها النسيان والإنخفاض الملحوظ في قدرة الحفظ . أورد أهم العناصر الأساسية لتنمية هذه القدرة الكامنة في كل فرد بدرجات متفاوتة . لكن بعد مراعاة القواعد الصحية الضرورية < نوم منظم وغذاء متّزن ، وعدم تناول أدوية تؤثر على قدرة التركيز والحفظ > . أما إن كانت جذوره تمتد إلى سن الطفولة فإنه يتطلب علاج طبي ونفسي لمدة طويلة.لذا أضفت كلمة حدة النسيان لتمييز ذلك عن النسيان المزمن إن صح التعبير. وهذه العناصر هي :
1-الإنتباه والتركيز. كلمات شائعة جدا ، لكن علينا بفهمها حتى يتسنى لنا توظيفها لتؤدي مدلولها .
الفكرة المراد التركيز عليها ، يجب أن نخضعها لتكرار باطني ، حتى لا نترك السيطرة للفكرة الجديدة التي تتسلل إلى مجال التفكير الآني . مثلا ، عندما نقرأ كتاب أو سماع متحدث، فجأة نجد أنفسنا منشغلين بفكرة أخرى أو يجذب بصرنا لون ربطة عنق المتحدث؛ بذلك نكون قد غيرنا مسار انتباهنا الى غير ما كان يجب أن يتبع مساره . والسبيل الوحيد لبقاء الفكرة المرغوبة في المجال الذهني هو تكرارها الباطني .
إن الإنتباه هو استمرار ومتابعة الحدث الذي يكون الفرد بصدد الإهتمام به ، من أجل حفظه . بالتالي تعلّمه دون انقطاع وتجنب التّيه ، يساعد على سهولة تذكره فيما بعد.
2- جمع وربط العناصر .لايخفى على أحد منا ، انه أثناء رؤية مشهد ما، فيذكّره بمشهد قديم وما يرتبط به . فرؤية صورة يصحبها سماع صوت و/أو لمس تلك الصورة يعزز عملية الحفظ والتذكر أيضا. الجمع والربط يكون بين عناصر أحيانا متباعدة من حيث النوعية الحسية ، لكن متكاملة من حيث بعض القواعد المنطقية الملموسة أو المجردة. هذه العملية من الأفضل أن تكون مقصودة وواضحة جدا حتى يسهل تتداعي الأفكار أثناء تذكرها واستعادتها بسهولة. أي أن تربط تلك الفكرة التي نحن بصدد إنجازها بأفكار لصيقة بها .
مثلا، الذهاب لإحضار شيء من غرفة أو مكان آخر ؛ هو أيضا به كثير من المعالم ، من شكل ولون ... التي يجب إستعمالها كأفكار مدعمة للفكرة الأولى ، عملية ربط هذه الأفكار الثانوية يدعم ويعزز القدرة على تذكر الفكرة المرغوبة. عندما تكون في ذلك المكان ؛ فمن المحتمل جدا أن تذكرك معالمه التي سبق وأن دعّمت بها الفكرة التي كنت تريد تذكرها .
3 - الحفظ بالتأني.
مفتاح الاستيعاب ، هو السماح بتكرار الفكرة ذات الأهمية الكبرى . عندما نكرر الشيئ الذي أتينا على حفظه ، فمن الضروري جدا احترام الفترة اللازمة { قصيرة كانت أم طويلة } لإعادة تكراره ، وكلنا يدرك سهولة الحفظ و التذكر بهذه الطريقة .
4- تنظيم المعلومات.
المادة التي نسعى لحفظها وخاصة المطولة منها والغريبة أو الأقل انتظاما ، مثل حفظ سلسلة من أعداد متتالية نقوم ببناء علاقة رياضية بينهما. بينما حفظ عدة حروف نبني علاقة لفظية بين الحروف. في حالة موضوع طويل ويحمل نفس الفكرة . من الأفضل قراءة الفقرة كاملة قبل تحليلها إلى أجزاء. لكن علينا أن ندرك جيدا مايلي :
تجنب ظاهرة الانقلاب على ما سبق حفظه ، حتى لا يحدث تثبيط من طرف المعلومات التي تحفظ في ذلك الظرف ، مما يؤدي الى حبس الذكريات المحفوظة سابقا ، أو بروز الذكريات المحفوظة ، فتمنع ترسّخ المعلومات التي يكون الفرد بصدد حفظها .
الحالات التي تحدث فيها هذه العمليات واضحة جدا عندما تكون المعلومات التي تحفظ والمحفوظة متشابهة، مما يؤدي الى محو و زوال المعلومات المخزنة ، معارضة بذلك بروزها عند استدعائها.
يلزمنا التعود على التكرار الباطني المرغوب لإزاحة الأفكار المشابهة المندسّة وإبعادها من مجال التفكير في الظرف الذي برزت فيه ، قبل أن تسيطر على الذهن ، فتشوّش تنظيم المعلومات ونحيد عن مسار الفكرة الهامة .
إن معرفة أسباب وأسس اضطراب سلوك ما ، يسهّل علينا تقويمه بالتدرب والممارسة الموجهة .